يقول الشيخ تاج الدين ألسبكي في الطبقات الكبرى أن للكرامة أنواع والنوع الأول يشمل كرامة كبرى وهي إحياء الموتى باذن الله تعالى واستشهد
على ذلك بقصة ابي عبيد أليسري الذي دعا الله في الغزو ان يحيي دابته فأحياها الله بإذن الله تعالى وقصة مفرج الرمامين الذي قال للفراخ المشوية :
طيري باذن الله تعالى فطارت وقصة الشيخ الاهدل الذي نادى على القطة الميتة فحضرت بإذن الله تعالى وقصة الشيخ عبد القادر الكيلاني الذي قال
للدجاجة بعد أن أكل لحمها قومي باذن الله تعالى الذي يحيي العظام وهي رميم فقامت وقصة الشيخ ابو يوسف الدهماني اذ جاء الى الميت وقال له :
قم باذن الله تعالى فقام وعاش بعد ذلك زمنا طويلا
والنوع الثاني: هو كلام الموتى وقد روي في ذلك عن أبي سعيد الخراز رضي الله عنه والشيخ عبد القادر والإمام تقي الدين السبكي وتضم انواع
الكرامات قائمة طويلة جدا من خوارق العادات مثل انفلاق البحر وجفافه والمشي على الماء والكلام مع الماء كما حدث لفقه طيرا في حادثته المشهورة
مع نهر دجلة وتغيير نوعية الأشياء مثل تحويل الطعام والشراب إلى أنواع أخرى منها وانزواء الأرض وطيها للأولياء فلا يقف الزمان او المكان
عقبة في ترحالهم من مكان إلى أخر, والقدرة على شفاء العلل والإمراض المستعصية على الطب العادي والقدرة على إخضاع الحيوانات المفترسة
مثل الأسد او النمر والقدرة على تحريك الرياح مثلما فعل سلطان العلماء وشيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام عندما طلب من الرياح ان تاخذ
الغزاة من الفرنجة. ولكن هذه الأمور لا يستطيع الولي ان يقوم بها الا بإذن رباني وحاجة هو موكل بفعلها وله الاذن بها.
وهناك أيضا كرا مات استجابة الدعاء والقدرة على إمساك اللسان عن الكلام او إطلاق اللسان بالكلام والتأثير في قلوب الناس وجعلهم يستأنسون بعد
ابتعادهم والإخبار ببعض المغيبات وكشفها والقدرة والصبر على عدم تناول الطعام مدة طويلة وكذلك القدرة على تناول الطعام الكثير والإحساس بان
الطعام ليس حلالا كما حدث مع الشيخ ابي العباس المرسى رضي الله عنه.
وبعض الاولياء لهم القدرة على رؤية ألاماكن البعيدة من وراء الحجب فمثلا قيل عن أبي إسحاق الشيرازي الذي كان يشاهد الكعبة وهو في بغداد
وكان لبعض الاولياء من الهيبة التي جعلت الناس لا تقدر على الكذب في حضرتهم.
وقد كان للإمام الشافعي تلك الهيبة وكذلك خصه الله بان كفاه شر من أراد به سوءا مثل قصته مع هارون الرشيد,
وبعض اولياء الله لهم القدرة على التصور بأشكال وأطوار مختلفة وهذا ما يسميه الصوفية بعالم المثال وهو ارق من عالم الأجسام وأكثف من عالم
الأرواح وبنوا عليه تجسد الأرواح وظهورها في صور مختلفة
وهناك أولياء أطلعهم الله تعالى على كنوز الأرض وذخائرها كما حدث للشيخ محي الدين الذي وقف في الشام ونادى اهلها ونطق بجملته المشهورة
[ دينكم دنانيركم تحت قد مي هذه فإذا دخل السين في الشين ظهر قول محي الدين]
وظنه الناس مجنونا بل لقد كفره بعض الناس , ومضت الأيام والسنوات ودخل السلطان سليم الاول دمشق وسمع بمقولته المشهورة فسال عن
المكان الذي كان واقفا فيه وعندما دلوه على المكان طلب حفر خندق كبير في ذلك المكان وفعلا ظهرت كنوز وذخائر لا تقدر بثمن في ذلك المكان
وظهر مغزى كلامه الذي لم يفهمه الجهلاء واتهموه باطلا كما اتهم من قبله شيخ الصوفية الحلاج لمقولته المشهورة :
[ والله ليس في جبتي هذه سوى الله ]
وكان قصده من تلك الجملة أن كل ذرة من جسده ممتزجة بحب الذات الإلهية ومتحدة مع أنوارها الإلهية ولكن ضيقي الأفق والجهال اتهموه بادعاء
الألوهية وكفروه وقتل على أثرها.
وبعض الاولياء بسط لهم الله تعالى في الزمن فقاموا بعمل لا يسهل على غيرهم عمله ولو في الزمن الذي اتموه فيه كالامام الشافعي فسبحان من
يبارك لهم ويطوي لهم الزمن وينشره واختص الله تعالى بعض اولياءه بعدم تاثير السموم فيهم ايا كان نوعها كما حدث مع خالد بن الوليد
في حمص وكل هذه البكرامت هي تاكيد لمعجزات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلمويجعلنا ان نسال الله تعالى ان يلحقنا بهؤلاء الصالحين
فان العبد عندما يخلص العبادة لله وفي الله ينقله الله تعالى الى رؤية عالم خاص وهذه الرؤيا تاتي عن طريق فتح عين بصيرته فتلوح له الاسرار
من مكمنها وتشرق له الانوار من سبحاتها وترتفع عن القلب الحجب وتبرز المعاني الالهية والاسرار العلوية وتتجلى في مراة الخيال وقد يطلع على
ما في الضمائر وعين القلب عندما ترتفع عنها الاستار والحجب ويكشف عنها الغطاء تدرك بحسها كل قلب يقابلها.
كل ما فيه من الخواطر ان خيرافخير وان شرا فشر فان شاء العبد العارف بالله اظهرها وان شاء ستر حسب ما يراه من الوقت والمصلحة العامة
ونظرة الولي تختلف عن نظرة الانسان العادي فقد يرى الانسان العادي الامور سيئة ولكنه يراها خيرة لانه يدرك عواقبها ونهايتها .