كل شيء على المس...
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركته
لقد ذُكِرتْ أسباب كثيرة للمس ولا يوجد دليل قطعي من الكتاب والسنة يساندها . ولو صحت هذه الأسباب لأصبح للجن نفوذ كبير على الإنسان ولا ينجو إلاّ الذي يكون في حالة طوارئ و لاينسى ولا يغفل ولا يفرح ولايخاف وليس جميل السيمات ولم يصاب بعين وليس مبغوض من الجن ولم يكشف عورته وهو وحده ... وبعد كل هذا يبقى الإنسان بعد مشيئة الله تحت ... عبث الجن وشرهم ... ؟ ؟ ؟
تتلخص الأسباب التي ذكرت في ما يلي :
1- عشق الجن للإنس: وذلك في حالة
- كشف العورة في البيت دون ذكر الله تعالى مثل أن تخفف المرأة من ثيابها وتقف أمام المرآة في الحجرة وتسير ذهاباً وإياباً مستعرضة لبدنها ومفاتنها معجبة بنفسها وقد يكون هناك من الجن العامر أو الطرق من يراها فيعجب بها ويتعشقها،
- نوم الرجال أو المرأة - خاصة في أيام الصيف - بثياب خفيفة وأبدان عارية وبغير ذكر الله تعالى قبل النوم
- دخول الخلاء للغسل والاستحمام دون ذكر الله تعالى قبل الدخول
- جماع الرجل أهله دون ذكر الله تعالى قبل الجماع ثم النوم في مكان وحده منفرداً
2- أذية الإنس للجن:
- كأن يلقي الماء الساخن على الأرض دون تسمية فيقع على جني - من غير قصد - فيقتله أو يؤذيه فينتقم هذا الجني منه
- السقوط على جني من مكان عال دون تسمية أو بالتبول عليه أو ضرب كلب أو قطة أو حية أو حيوان تصور الجن بصورته ...
3- ظلم الجن للإنس:
حيث يكون الجني محباً للظلم فيتعدى على الإنسي بدون سبب، وهذا النوع من الجن يبحث عمن تكون نفسه ضعيفة وشخصيته مهزوزة للتلبس به، وضعف الإنسان يكون في حالات أربع:
-الغضب الشديد.
- الخوف الشديد.
- الانكباب على الشهوات.
- الغفلة الشديدة.
4- البعد التام عن شرع الله
5- العين
سنحاول فهم الأسباب المذكورة والتي كما أسلفنا لا يساندها نص قطعي من القرآن أو الحديث .
1- عشق الجن للإنس .
الظاهر أنّ سبب المس في هذه الحالة هو كشف العورة وإنما العشق نتيجة لكشف العورة . ونقول أنّه يجب على الإنسان أن يحجب عورته عن أعين الإنس والجن . وإذا ذكر الإنسان الله ثم كشف عورته أمام الناس فهم يرونها وذكر الله ليس ساتر لها من الإنس. ستر العورة عن الإنس يكون بالثياب . وأما ستر العورة عن الجن فهو بذكر الله وهو الوسيلة الوحيدة لمنع الجن أن يرى عورتنا . وإذا لم نذكر الله لسبب ما فيرى الجن عورتنا وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل . فما دخل المس في هذه الحالة ؟
العشق لا يشترط رأية العورة .يكفي العاشق أن يرى وجه المعشوق مثلا ليقع في العشق. وأكثر الملامح تظهر في الوجه . دخول الخلاء والنوم بالثياب الخفيفة وجماع الرجل اهله ... دون ذكر الله يكون سببا في رئية الجن لعورة الإنس فقط. ولو أنّ كلما نسي إنسان ذكر الله في هذه الحلاة لما نجى إلاّ القليل جدا من الناس . والله أعلم
2- إذاية الإنس للجن
الماء الساخن يرمى في أماكن كثيرة كالحمامات والمرشات ... السقوط في الطرقات والأماكن المخصصة للأعاب الرياضية كورة القدم , كورة السلة , القفز , ..." دهس" الأماكن بالسيارات والحافلات والطائرات والباخرات ... بدون ذكر الله ... فلو تسببت هذه الأفعال والحركات في المس لكانت الحوادث لا تحصى . ولكن الواقع لا يثبت ذلك وغياب النص دليل .
3- ظلم الجن للإنس (بدون سبب )
- الغضب الشديد
في الحديث الصحيح عن الرجل الذي احمرت عيناه وانتفخت أوداجه من الغضب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إني لأعرف كلمة لو قالها هذا لذهب عنه الذي يجد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فما كان هذا الرجل به مس وما كان يحتاج إلى رقية . كان يكفيه أن يستعيذ بالله ليذهب عنه كل شيء. الأحاديث كثيرة في الغضب وما ذكر فيها المس
- الخوف الشديد.
يوم الخندق اشتدّ الخوف بالصحابة رضي الله عنهم وكانت درجة الخوف أن " بلغت القلوب الحناجر" و ما كان هناك مس .
4- البعد التام عن شرع الله.
كيف كان حال قريش قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
5- العين
أكتفي بنقل بعض ما جاء في البحث التلي لأخ من الرقاة المعتمدين في هذا الموضوع :
" وقد يكون ناتجا عن الإصابة بالعين :
فيصرعون الإنس نتيجة لذلك ، وهذا أمر مشاهد محسوس ،وقد وقفت على حديث ضعيف يدور حول هذا المعنى إلا أن معناه صحيح والله تعالى أعلم ، والحديث رواه أبو هريرة - رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(العين حق يحضرها الشيطان وحسد ابن آدم ) [السلسلة الضعيفة 2364 ]....
... يعقب الشيخ عبدالله السدحان على الحديث آنف الذكر فيقول : ( هذا الحديث أوله " العين حق " صحيح رواه البخاري ( 10 / 203 ) أما بقيته " ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم " فقد أخرجه أحمد في المسند ( 21439 ) بلفظ " يحضر بها " أي معها وقد جاء أيضا بلفظ " يحضرها " وعزاه السيوطي في الجامع الصغير...
...وعلى كل فمعناه صحيح ولا يخالف حديثاً صحيحاً وتشهد له التجربة ويؤيده الواقع ...
وقال أيضاً : ( ولأن غالب أمراض الناس سببها العين ، وأن معنى حديث " العين حق " أي الوصف دون ذكر الله ( وهو سم اللسان ) وليس المراد آلة العين وإنما عُبر بها لأنها الواصفة للواقع ، وحينئذ تنطلق الشياطين الحاضرة فتعمد إلى إيذاء الموصوف بإذن الله ، ولأن هذا المفهوم الشرعي غير مسبوق فيما أعلم حرصت كل الحرص على تأصيله شرعياً بالاستعانة بعد الله بمشائخنا..." انتهى
قلت :
يقول ابن حجر العسقلان
"والعين نظر باستحسان مشوب بحسد من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر، وقد وقع عند أحمد - من وجه آخر - عن أبي هريرة رفعه " العين حق، ويحضرها الشيطان، وحسد ابن آدم".
وقد أشكل ذلك على بعض الناس فقال: كيف تعمل العين من بعد حتى يحصل الضرر للمعيون؟ والجواب أن طبائع الناس تختلف، فقد يكون ذلك من سم يصل من عين العائن في الهواء إلى بدن المعيون، وقد نقل عن بعض من كان معيانا أنه قال: إذا رأيت شيئا يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني ...
....وأن الذي يتمشى على طريقة أهل السنة أن العين إنما تضر عند نظر العائن بعادة أجراها الله تعالى أن يحدث الضرر عند مقابلة شخص لآخر... ...وقد أجرى الله العادة بوجود كثير من القوي والخواص في الأجسام والأرواح كما يحدث لمن ينظر إليه من يحتشمه من الخجل فيرى في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل ذلك، وكذا الاصفرار عند رؤية من يخافه، وكثير من الناس يسقم بمجرد النظر إليه وتضعف قواه، وكل ذلك بواسطة ما خلق الله تعالى في الأرواح من التأثيرات ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إلى العين، وليست هي المؤثرة وإنما التأثير للروح، والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها: فمنها ما يؤثر في البدن بمجرد الرؤية من غير اتصال به لشدة خبث تلك الروح وكيفيتها الخبيثة.
والحاصل أن التأثير بإرادة الله تعالى وخلقه ليس مقصورا على الاتصال الجسماني، بل يكون تارة به وتارة بالمقابلة، وأخرى بمجرد الرؤية وأخرى بتوجه الروح كالذي يحدث من الأدعية والرقى والالتجاء إلى الله، وتارة يقع ذلك بالتوهم والتخيل، فالذي يخرج من عين العائن سهم معنوي إن صادف البدن لا وقاية له أثر فيه، وإلا لم ينفذ السهم، بل ربما رد على صاحبه كالسهم الحسي سواء."انتهى
وفي قصة أبي سهل بن حنيف وعامر بن ربيعة رضي الله عنهما ليس ذكر للمس أو أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رقاه ولكن قال " علام يقتل أحدكم أخاه ! ألا بركت ؟ إن العين حق ، توضأ له " فتوضأ له عامر ، فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس.
فالعين إذن إصابتها تضر عند نظر العائن ولا ذكر للمس. فما يبقى من أسباب المس إلاّ السحر وأعني بالمس دخول الجن إلى جسد الإنسان قصد تمريضه.
السحر
السحرهو السبب الوحيد للمس وهو الذي يتعلمه الناس من الشياطين ويفرقون به بين المرء وزوجه والتفرقة أكبر ضرر يستطيع الجن أن يحدثه عن طريق السحر لأنه يفكك االأسر التي هي الخلايا المكونة للمجتمع وبالتالي تفكيك الأمة بأكملها .
السحريمكن أن يكون داخل الجسد أو خارجه ( سحر مدفون ومرشوش...) والمس له علاقة بالسحر الموجود داخل الجسد .
والله أعلى وأعلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته